تفسير سورة النجم
والنجم إذا هوى (1) ما ضل صاحبكم وما غوى (2) وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى (4)
الخالق يقسم بما شاء من خلقه والمخلوق لا ينبغي له أنيقسم إلا بالخالق"1" { ما ضل صاحبكم وما غوى } هذا هو المقسم عليه وهو الشهادة للرسول صلى الله عليه وسلم بأنه راشد تابع للحق ليس بضال وهو الجاهل الذي يسلك على غير طريق بغير علم والغاوي هو العالم بالحق العادل عنه قصدا إلى غيره فنزه الله رسوله وشرعه عن مشابهة أهل الضلال كالنصارى وطرائق اليهود وهي علم الشيء وكتمانه والعمل بخلافه بل هو صلاة الله وسلامه عليه وما بعثه به من الشرع العظيم في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد ولهذا قال تعالى : { وما ينطق عن الهوى } أي ما يقول قولا عنهوى وغرض"2" { إن هو إلا وحي يوحى } أي إنما يقول ما أمر به يبلغه إلى الناس كاملا موفورا من غير زيادة ولا نقصان }علمه شديد القوى (5) ذو مرة فاستوى (6) وهو بالأفق الأعلى (7) ثم دنا فتدلى (
فكان قاب قوسين أو أدنى (9) فأوحى إلى عبده ما أوحى (10) ما كذب الفؤاد ما رأى (11) أفتمارونه على ما يرى (12) ولقد رآه نزلة أخرى (13) عند سدرة المنتهى (14) عندها جنة المأوى (15) إذ يغشى السدرة ما يغشى (16) ما زاغ البصر وما طغى (17) لقد رأى من آيات ربه الكبرى (18) {
يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم أنه علمه الذي جاء به إلى الناس { شديد القوى } وهو جبريل عليه السلام،وقال ههنا { ذو مرة } أي ذو قوة قاله مجاهد والحسن وابن زيد وقال ابن عباس : ذو منظر حسن وقال قتادة : ذو خلق طويل حسن ولا منافاة بين القولين فإنه عليه السلام ذو منظر حسن وقوة شديدةوقوله تعالى : { فاستوى } يعني جبريل عليه السلام{ وهو بالأفق الأعلى } يعني جبريل استوى في الأفق الأعلى ،والأفق الأعلى هو مطلع الشمس] ثم دنا فتدلى [هبط عليه جبريل عليه السلام وتدلى إليه فاقترب منه وهو على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح { فكان قاب قوسين أو أدنى } أي فاقترب جبريل إلى محمد لما هبط عليه إلى الأرض حتى كان بينه وبين محمد صلى الله عليه وسلم قاب قوسين أي بقدرهما إذا مدا قاله مجاهد وقتادة وقد قيل إن المراد بذلك بعد ما بين وتر القوس إلى كبدها وقوله تعالى : { أو أدنى } قد تقدم أن هذه الصيغة تستعمل في اللغة لإثبات المخبر عنه ونفي ما زاد عليه] فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما كذب الفؤاد ما رأى { أي انه انزل الى الرسول ما انزل، و الرسول لا يكذب ولا يقول الا ما امره أو أراه اياه ربه. { ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى } هذه هي المرة الثانية التي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها جبريل على صورته التي خلقه الله عليها وكانت ليلة الإسراء لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السابعة إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض فيقبض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها ، { إذ يغشى السدرة ما يغشى }قال كان أغصان السدرة لؤلؤا وياقوتا وزبرجدا فرآها النبي صلى الله عليه وسلم ورأى ربه بقلبه وقال ابن زيد قيل : يا رسول الله أي شيء رأيت يغشى تلك السدرة ؟ قال : [ رأيت يغشاها فراش من ذهب ورأيت على كل ورقة من ورقها ملكا قائما يسبح الله عز وجل} { ما زاغ البصر وما طغى } ما ذهب يمينا ولا شمالا { وما طغى } ما جاوز ما أمر به وهذه صفة عظيمة في الثبات والطاعة فإنه ما فعل إلا ما أمر به ولا سأل فوق ما أعطي ، { لقد رأى من آيات ربه الكبرى } أي الدالة على قدرتنا وعظمتنا .
انتهى بحمد الله
الكاتبة :
=P محرقية